السيد مقتدى الصدر وموقفه من الانتخابات.. بين الإصلاح والمقاطعة

وكالة الصحافة العراقية28 مارس 2025Last Update :
احمد العيسى
احمد العيسى

في مشهد سياسي متشابك ومعقد، يبرز السيد القائد مقتدى الصدر (أعزه الله) كمحور رئيسي في تحديد مسار العملية الانتخابية في العراق. فبعد أن كان التيار الصدري لاعبًا أساسيًا في المشهد السياسي، جاء القرار المفاجئ بعدم المشاركة في الانتخابات المقبلة ليطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل العراق السياسي، وأسباب هذه المقاطعة التي وصفها البعض بالجريئة، بينما اعتبرها آخرون موقفًا احتجاجيًا ضد الفساد المستشري في مفاصل الدولة.

موقف مبدئي أم تكتيك سياسي؟

صرّح سماحة السيد القائد قائلاً: “مادام الفســاد موجودًا فلن أشارك في عملية انتخابية عرجاء.”* هذا التصريح يعكس موقفًا صريحًا من الفساد الذي طالما كان العدو الأول للصدر والتيار الوطني الشيعي، إذ يؤكد أن المشاركة في انتخابات دون إصلاح حقيقي تعني شرعنة الفساد وإدامة وجوده.

ولم يكن هذا الموقف وليد اللحظة، فقد دأب السيد القائد على المطالبة بالإصلاحات الجوهرية في العملية السياسية، بدءًا من القضاء على الفساد، ومرورًا بتغيير آليات تشكيل الحكومات، وصولًا إلى رفض المحاصصة الطائفية والحزبية التي أرهقت الدولة العراقية لعقود.

الطاعة والانضباط.. موقف التيار الصدري من المقاطعة

لطالما كان التيار الصدري مثالًا للانضباط السياسي والطاعة للقائد، وهو ما أكده السيد القائد في بيانه الأخير: “وأنني ما زلت أعول على طاعة القواعد الشعبية لمحبي الصدرين في التيار الوطني الشيعي، ولذا كما أمرتهم بالتصويت، فاليوم أنهاهم أجمع من التصويت والترشيح ففيه إعانة على الإثم.”

هذا القرار يعكس ثقة السيد القائد في قواعده الشعبية، التي لطالما كانت السند الحقيقي في جميع القرارات المصيرية. فالتيار الصدري، الذي يمثل إحدى أكبر الكتل الشعبية في العراق، لا ينظر إلى الانتخابات كغاية بحد ذاتها، بل كوسيلة لتحقيق الإصلاح، وعندما تصبح هذه الوسيلة غير مجدية، فإن الانسحاب يصبح موقفًا أخلاقيًا قبل أن يكون سياسيًا.

ردود الأفعال.. ما بين التأييد والجدل السياسي

قرار المقاطعة أثار ردود أفعال متباينة، حيث رحب به أنصار التيار الصدري باعتباره خطوة في الاتجاه الصحيح لحماية العراق من الفساد والمفسدين. بينما رأى آخرون أن الانسحاب سيترك فراغًا سياسيًا قد تستغله قوى أخرى قد لا تتماشى مع مشروع الإصلاح الذي يدعو إليه التيار الصدري.

لكن الثابت أن السيد القائد مقتدى الصدر لم يكن يومًا من دعاة المناورة السياسية، بل كان دائمًا صوتًا صادقًا يعبر عن تطلعات الشعب. وهذا ما يجعل موقفه الحالي ليس مجرد خطوة سياسية، بل رسالة قوية إلى جميع الأطراف بأن العراق لا يمكن أن يستمر في ظل نظام انتخابي عاجز عن تحقيق تطلعات شعبه.
المستقبل السياسي للتيار الصدري.. إلى أين؟
مع قرار المقاطعة، يبقى السؤال: ما هو البديل؟ هل ستكون هناك تحركات جماهيرية؟ أم أن التيار سيكتفي بموقف المتفرج في هذه الدورة الانتخابية؟

التجارب السابقة تؤكد أن التيار الصدري ليس تيارًا جامدًا، بل هو حركة متجددة تستجيب للتطورات السياسية وفقًا لما تقتضيه المصلحة الوطنية. وربما تحمل الأيام القادمة مزيدًا من المفاجآت، لكن الثابت أن السيد القائد مقتدى الصدر لا يزال الرقم الأصعب في المعادلة السياسية العراقية.

د أحمد العيسى /النجف الأشرف 009647811655400

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

أخبار عاجلة