د. احمد العيسى
سؤال يتكرر عبر منصات التواصل الاجتماعي، يشغل بال المتابعين ويثير الكثير من النقاشات. البعض يطرح هذا السؤال بهدف التثقيف لشخصيات أو جهات سياسية محددة عبر حملات “الرشق الإلكتروني”، إلا أن الفكرة في الغالب لا تصل إلى المتلقي بالشكل المرجو. آخرون يتعاملون معه بوصفه استطلاعاً للرأي أو وسيلة لمعرفة المزاج الشعبي، فيما يجد فيه فريق ثالث فرصة لـ جمع التعليقات واللايكات من أنصار الشخصيات المتنافسة. وهناك من يطرحه لمجرد إحداث “الطشة” الإعلامية لا أكثر.
جميع هذه المحاولات قد تُعد مشروعة في إطار السباق الانتخابي، لكن يبقى السؤال الأهم: من هو المرشح أو الكيان الذي سيحصد أعلى الأصوات؟
الجواب ليس بسيطاً ولا محسوماً، لأن السباق الانتخابي في النجف ـ كما في عموم العراق ـ محكوم بعدة عوامل متداخلة، منها:
- المفاجآت السياسية والتحالفات اللحظية التي تقلب الموازين في أي لحظة.
- العمل الميداني الجاد وقدرة المرشح على التواصل المباشر مع جمهوره.
- السيطرة على العقل الجمعي عبر الخطاب الإعلامي المؤثر، سواء في الواقع أو عبر الفضاء الإلكتروني.
- الإمكانات المادية التي غالباً ما تلعب دوراً محورياً في إدارة الحملات الانتخابية.
- القوة الحزبية والسمعة التنظيمية، إذ تميل الكفة للأحزاب ذات البنية الراسخة والقدرة على تحريك قواعدها.
- البعد العشائري والشعبي للشخصيات، كون النجف مدينة يغلب على مجتمعها هذا الطابع، رغم وجود نسبة معتبرة من الأكاديميين وأصحاب الشهادات العليا.
ورغم ذلك، تبقى المعضلة الأساسية غياب البرامج الانتخابية الواضحة والقابلة للتطبيق، سواء على المستوى المحلي أو الوطني. الأمر الذي يجعل الناخب النجفي ـ كحال غالبية الناخبين العراقيين ـ يصوت غالباً للشخصية أو الانتماء أكثر من التصويت لبرنامج إصلاحي محدد.
إضافة إلى ذلك، فإن ابتعاد المرجعية الدينية عن توجيه الناخبين بشكل مباشر، كما حصل في الدورة الأولى لمجلس النواب، جعل المشهد أكثر ضبابية وترك مساحة أوسع للمنافسة المفتوحة.
الانتخابات في النجف، إذن، ليست مجرد أرقام أو استطلاعات، بل ساحة صراع معقدة تتداخل فيها المصالح، العشائر، الأحزاب، المال، والإعلام. ومن يظن أن الطريق إلى الصدارة معبّدٌ بمجرد الشعبية الافتراضية أو الطشة الإعلامية، فإنه لم يقرأ بعد معادلة النجف السياسية.
وللحديث بقية…
