
د. احمد العيسى
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، تشهد محافظة النجف الأشرف حراكاً انتخابياً غير مسبوق، حيث بلغ عدد المرشحين 315 مرشحاً يتنافسون على 12 مقعداً مخصصاً للمحافظة في مجلس النواب. هذا الرقم، رغم ضخامته، لا يعكس بالضرورة شدة التنافس، بل يعكس اتساع الطموحات وتنوع المشارب، فيما يرى مراقبون ومحللون أن المعركة الحقيقية تدور بين 28 مرشحاً فقط، هم من يمتلكون الأرضية الجماهيرية، والتمويل، والدعم السياسي أو العشائري الذي يمكن أن يقودهم إلى قبة البرلمان.
معركة الأوزان الثقيلة.. من يملك التأثير؟
في الواقع، لا يخفى على المتابع أن النجف لها خصوصيتها في المشهد السياسي العراقي. فهي ليست فقط مدينة دينية وعلمية، بل هي بيئة سياسية نشطة ومتشعبة، حيث تتداخل فيها الانتماءات العقائدية، والحزبية، والعشائرية، وحتى الاقتصادية.
المرشحون الـ28 الذين يشكلون “النواة الصلبة” للتنافس، ينتمون إلى كتل سياسية معروفة، وأحزاب نافذة، أو يمتلكون رصيداً اجتماعياً وشعبياً يجعلهم رقماً صعباً في المعادلة. من بينهم نواب سابقون يسعون للعودة، وشخصيات مستقلة تحاول كسر احتكار القوى التقليدية، فضلاً عن بعض الوجوه الجديدة التي أثبتت حضورها في العمل المدني والخدمي خلال السنوات الماضية.
الدعاية الانتخابية.. بين الواقعية والوهم
رغم أن الحملات الدعائية قد بدأت فعلياً على الأرض وفي الفضاء الإلكتروني، إلا أن كثيراً من المرشحين يفتقدون إلى رؤية واضحة أو برنامج انتخابي حقيقي. البعض يخوض التجربة بنية تسجيل الحضور فقط، وآخرون يراهنون على تحالفات اللحظة الأخيرة، فيما تُحاك خلف الكواليس صفقات وتحالفات قد تعيد رسم خارطة النتائج ليلة الاقتراع.
من سيكون صاحب الحظ السعيد؟
الإجابة ليست سهلة، لكنها ليست مستحيلة أيضاً. من وجهة نظر مهنية وتحليلية، فإن الحظ الأوفر قد يكون من نصيب من يجمع بين ثلاثة عناصر: القبول الشعبي، الدعم السياسي أو العشائري، والكفاءة في تقديم رؤية واقعية ومقنعة. الناخب النجفي اليوم لم يعد ذلك المواطن البسيط الذي ينجر خلف الشعارات، بل أصبح أكثر وعياً، وأكثر مطالبة بالمحاسبة.
قد نشهد مفاجآت، وربما يسقط “كبار” ظنّوا أن لهم مقاعد محجوزة، وقد يصعد شاب أو امرأة من رحم المجتمع، يحمل هموم الناس ويُجيد خطاب المرحلة.
النجف أمام اختبار ديمقراطي جديد، يضع أبناءها في مواجهة مسؤولية كبرى لاختيار من يمثلهم بحق، ويكون لسانهم في قبة البرلمان. الـ12 مقعداً لا تكفي لتمثيل كل الطموحات، لكنها كافية لتشكيل نواة تغيير إن أحسن الناخبون الاختيار، وأدرك المرشحون أن البرلمان تكليف لا تشريف، وأن خدمة الناس لا تُقاس بعدد اللافتات، بل بحجم الأمانة.
فمن سيكون صاحب الحظ السعيد؟ الجواب عند صندوق الاقتراع، وصوت الناخب الحر.