
احمد العيسى
في كل موسم انتخابي، تتكرر ذات المسرحية التي باتت مألوفة لدى الشارع العراقي، لكنها لا تقل استفزازًا كل مرة عن سابقتها؛ أقلام مأجورة، وصفحات صفراء، وأصوات المدونين تُستأجر بثمن، مهمتها الوحيدة: تلميع صورة الفاسدين وتقديمهم على أنهم “رجال دولة” و”حماة الوطن”، في مشهد يفتقد للحد الأدنى من المهنية أو الاحترام لعقول الناس.
تتحول بعض المنابر الإعلامية، التي يفترض أنها لسان الشعب، إلى منصات لتزييف الحقائق وتبييض وجوه ملوّثة بالسرقة وسوء الإدارة والتبعية، عبر مقالات مدفوعة أو تقارير “ترويجية” تُظهر الفاسد بمظهر المُصلح، وتُلبسه عباءة النزاهة وهو الذي نهش جسد الدولة لسنوات.
لا يخفى على العراقيين أن بعض المدونين ممن يبيعون أقلامهم عند كل موسم انتخابي، لا يحملون همّ الوطن بقدر ما يحملون همّ “الصفقة القادمة” أو “المكافأة المتفق عليها”. هؤلاء لا يكتبون بالحبر، بل بالدولار، ولا يسمعون أنين المواطن، بل صدى من يدفع أكثر.
والأدهى من ذلك، أن هؤلاء المدونين المأجورين لا يكتفون بتبييض الفاسدين، بل يهاجمون كل صوت حرّ يحاول فضح الحقيقة، ويشككون في نوايا الشرفاء، في محاولة لصناعة واقع زائف يسهل على من دمّر البلد أن يعاود تسلّق السلطة من جديد.
إن مسؤولية الإعلام، خاصة في الأوقات الانتخابية، يجب أن تكون منصبّة على كشف الحقائق، لا دفنها، وعلى محاسبة الفاسدين لا ترقيع صورتهم. لكن ما نشهده اليوم من تسويق للفشل باسم “الخبرة”، ومن تزوير للواقع باسم “التحليل”، هو خيانة صريحة للمهنة وللأمانة الأخلاقية والوطنية.
على العراقيين أن يكونوا أكثر وعياً في تلقّي المعلومة، وألّا تنطلي عليهم لعبة “التلميع الإعلامي”، فكم من….. ظهر على الشاشات بربطة عنق أنيقة وكلمات منمقة، وهو في الحقيقة مجرّد لص محترف بوجهٍ نظيف.
الانتخابات المقبلة ليست مجرد سباق على المقاعد، بل معركة بين الوعي والتضليل، بين الحقيقة والكذب، وبين وطن يُراد له أن يُبنى، وآخر يُراد له أن يبقى مزرعة بيد الفاسدين.
فلا تسمحوا للأقلام المأجورة أن تختار مصيركم.