
وكالة انباء الصحافة العراقية
عندما نقول إن معظم الحركات المتشددة، بمختلف شعاراتها، ما هي إلا أدوات في لعبة دولية أكبر، يخرج علينا من يعترض، ويصف هذا الرأي بنظرية مؤامرة. لكن الحقيقة، كما هي عادتها، لا تموت.. فقط تتأخر قليلاً.
اليوم، تصريح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو حول من وصفه بـ”الشرع” يعيد فتح ملفات أُريد لها أن تُنسى. هذا الاسم الذي ارتبط في ذاكرة العراقيين بحكاية “الغذاء مع الرسول” في بداية الاحتلال الأمريكي، واعتُمد كواحد من رموز الخطاب الديني المتشدد، لم يكن يومًا بعيدًا عن الشبهات، لا في ظهوره ولا في اختفائه.
هل تذكرون تلك الحقبة؟ حين كانت دموع البسطاء تُستدرج بخطابات مملوءة بالوعود الغيبية، والمشهد العام يُدار كما لو أنه دراما دينية تُبث عبر الأقمار الاصطناعية، بينما الحقيقة تُكتب في غرف العمليات السياسية والاستخبارية خارج الحدود.
نتنياهو لا يتحدث من فراغ. تصريحه اليوم ليس زلة لسان، بل رسالة مقصودة، وتذكير غير بريء بأن أوراق اللعبة ما زالت مكشوفة لمن يملك نظرًا أعمق من سطح الشعارات. ما كان يُقدَّم كتيار مقاوم، أو كصوت رباني، قد يكون في الواقع امتدادًا ليد خفية تعبث وتوجّه وتبني وتُفجّر حسب الحاجة.
وها نحن بعد عقدين من الغزو، نعود لنقرأ من جديد: من غذّى هذه الجماعات؟ من أطلقها؟ من صمت عنها؟ ومن استثمر بها لخلق الفوضى الخلاقة التي بشروا بها منذ اليوم الأول؟
الزمن وحده كفيل بكشف الأقنعة، ونتنياهو اليوم أسقط أحدها، دون أن يدري – أو ربما أراد.
