“كل عراقي مصاب بالسرطان حتى يثبت العكس: بين انفجار الميزانية وانهيار المنظومة الصحية”

وكالة الصحافة العراقية18 أبريل 2025Last Update :
“كل عراقي مصاب بالسرطان حتى يثبت العكس: بين انفجار الميزانية وانهيار المنظومة الصحية”

احمد العيسى
في بلاد يُقال إن ميزانيتها “انفجارية”، بات المواطن العراقي يُجبر على بيع ممتلكاته، بل وحتى استعطاف الناس من أجل جرعة علاج من السرطان. وبين صمت المؤسسات الصحية، وتجاهل الجهات التشريعية، يقف مرضى السرطان في العراق ضحايا لتقاطع الإهمال السياسي والفساد الإداري.

1. السرطان في العراق: أرقام مخيفة وصمت رسمي

تشير بيانات  (وفق تقارير صادرة حتى عام 2023) إلى تزايد مرعب في أعداد المصابين بمرض السرطان، حيث تُسجل حالات جديدة بوتيرة متسارعة. وبحسب تقرير صادر عن مركز بغداد للأورام، فإن معدل الإصابات ارتفع بنسبة تجاوزت 20% خلال السنوات الخمس الأخيرة، مع تركز واضح في مناطق تشهد تلوثاً بيئياً مثل البصرة والنجف.

ورغم هذه المؤشرات، لا توجد استراتيجية وطنية واضحة المعالم للكشف المبكر، أو حتى قاعدة بيانات دقيقة ترصد توزع وانتشار المرض، مما يُضعف من فاعلية التدخلات العلاجية والوقائية.

2. رحلة العلاج: “المريض يتعالج ويبيع كلشي”

في مقابلات ميدانية أجراها فريق التحقيق وكالة الصحافة العراقية ipa مع عدد من المرضى وذويهم، برزت ظاهرة لافتة: أغلبهم لا يملكون تغطية صحية، ويضطرون لبيع ممتلكاتهم أو اللجوء إلى التبرعات. تقول أم حسين، والدة مريض في الخامسة من عمره:
“بعت سيارتي، وبيت أهلي، ولسّه ما كملنا العلاج… ما نريد غير مستشفى نظيف وعلاج متوفر، مو فضل منهم”

ووفق شهادة احد الأشخاص الذين فقد ابنه بهذا المرض اللعين :
“أغلب الأدوية مفقودة، والمريض يضطر يشتريها من الخارج… سعر الإبرة الواحدة يوصل 1500 دولار، والمستشفى ما يقدر يوفرها”
3. غياب الدعم النفسي والاجتماعي: المعاناة مضاعفة

لا تقتصر معاناة المريض على الجانب البدني فقط، بل تمتد لتشمل ضغوطات نفسية هائلة، وسط انعدام الدعم النفسي والمؤسسات المتخصصة. ويؤكد أخصائيون نفسيون أن نسب الاكتئاب والانتحار في صفوف مرضى السرطان أعلى بكثير من المعدلات العامة، في ظل عدم توفر برامج تأهيل نفسي أو دعم مجتمعي منظم.
4. أين الرعاية الاجتماعية؟ ولماذا لا يُعامل السرطان كمرض مزمن؟

تطرح هذه المعطيات سؤالاً جوهرياً: لماذا لا يُصنّف السرطان كمرض مزمن تُشمل معه الرعاية الاجتماعية أسوة بمرضى السكري والضغط؟ فالمريض بحاجة إلى دعم مادي شهري، وتأمين صحي دائم، وتسهيلات في النقل والعلاج، فضلاً عن إعفاءات ضريبية وتسهيلات قانونية.

حتى اللحظة، لا يوجد قانون خاص يضمن لمرضى السرطان في العراق حقوقاً محددة، بل يعتمد الأمر على المبادرات الفردية و”الواسطة” أحياناً.
5. توصيات وتحركات مطلوبة

تشريع قانون وطني خاص بحماية مرضى السرطان، يضمن لهم الرعاية الاجتماعية والنفسية.

إنشاء مراكز علاج متخصصة وحديثة في كل محافظة، مزودة بأجهزة حديثة وكوادر مدربة.

توفير العلاج بشكل مجاني أو مدعوم بالكامل من الدولة.

إنشاء سجل وطني للسرطان لرصد الحالات وتحليل أسباب الانتشار.

إدراج برامج توعية في المدارس والمجتمعات حول سبل الوقاية والكشف المبكر.

في بلد يمتلك ثروات هائلة، يصبح من المُخجل أن يُترك مرضى السرطان وحدهم في معركة غير متكافئة. إن إنقاذ حياة آلاف العراقيين يبدأ بخطوة جادة نحو الاعتراف بأن السرطان ليس حكماً بالموت، بل أزمة وطنية تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

أخبار عاجلة