
وكالة الصحافة العراقية – النجف الأشرف
تشهد مدينة النجف الأشرف، خلال الأشهر الأخيرة، تصاعداً ملحوظاً في الممارسات غير القانونية المتعلقة برمي الأنقاض ومخالفات البناء العشوائي، لا سيما على مقربة من الشوارع الرئيسة، في ظل تراجع واضح للرقابة البلدية وغياب العقوبات الرادعة، ما أفسح المجال لظواهر باتت تهدد جمالية المدينة وتنذر بكوارث بيئية وعمرانية.
مشهد متكرر… دون حساب
في أكثر من موقع داخل مركز المدينة وأطرافها، يمكن للمارة أن يشاهدوا أكوام الأنقاض وبقايا مواد البناء وهي تتراكم بجانب الأرصفة، أو تُلقى في مساحات مفتوحة قريبة من الأحياء السكنية، وحتى قرب بعض الشوارع الحيوية المؤدية إلى العتبات المقدسة، دون أي تدخل يُذكر من الجهات المختصة.
ويؤكد مواطنون تحدثوا لوكالة الصحافة العراقية، أن “مقاولين وأصحاب مشاريع بناء يتعمدون التخلص من الأنقاض في أماكن عامة لتوفير كلفة النقل والتفريغ، مستغلين غياب الجولات التفتيشية وضعف تطبيق القانون”. ويضيف أحدهم، ويدعى حسن الميالي: “لقد تحولت بعض الشوارع إلى مكبّات مصغرة، رغم أنها تمثل واجهة المدينة أمام الزائرين”.
البناء خارج القانون
لا يتوقف الأمر عند رمي الأنقاض، إذ رُصدت كذلك انتهاكات واضحة لقوانين البناء والتخطيط الحضري، من خلال إقامة أبنية دون ترخيص، أو استغلال الفضاءات العامة وأرصفة الطرق في أعمال الإنشاء، وهو ما يُعد مخالفة صريحة للقوانين البلدية.
مسؤول في مديرية بلدية النجف، طلب عدم الكشف عن اسمه، أشار إلى أن “الإمكانات المحدودة وقلة عدد الفرق الرقابية مقارنة باتساع رقعة المدينة، تمثلان عائقاً أساسياً أمام المتابعة اليومية”، مبيناً أن “بعض المخالفين يستفيدون من التراخي في فرض العقوبات، ما يشجع على التمادي”.
القانون موجود… التطبيق غائب
ورغم وجود تعليمات صادرة من وزارة الإعمار والإسكان والبلديات تُجرّم هذه الممارسات، إلا أن تطبيقها على أرض الواقع يبدو باهتاً، وغالباً ما يُختصر بإرسال إنذارات لا تُترجم إلى إجراءات تنفيذية فعالة.
من جانبه، دعا الناشط المدني والموظف في بلدية الكوفة الاستاذ امير إلى “إعادة تفعيل الرقابة المجتمعية ومحاسبة المقصرين داخل المؤسسات، قبل محاسبة المواطن”، مؤكداً أن “البيئة الحضرية في النجف أصبحت على المحك، وهو ما يستدعي تحركاً عاجلاً من الحكومة المحلية”.
النجف على مفترق طريق
ومع ازدياد أعداد الزائرين من داخل العراق وخارجه، تبدو النجف أمام تحدٍ كبير للحفاظ على صورتها ومكانتها، وهو ما يتطلب – وفق خبراء – مزيجاً من التشريعات الرادعة، والمراقبة الفاعلة، والتثقيف المجتمعي حول أضرار هذه الممارسات على الصحة والبيئة والاقتصاد المحلي.
في مدينة ترتبط روحياً وتاريخياً بملايين المسلمين حول العالم، يبدو من المؤسف أن تتحول شوارعها إلى ساحات فوضى عمرانية، فيما يغيب الرادع، وتغفو الرقابة.


