لماذا أي اتفاق محتمل بين الولايات المتحدة وإيران سيشكل انتصارًا لطهران ؟

وكالة الصحافة العراقية17 مايو 2025Last Update :
لماذا أي اتفاق محتمل بين الولايات المتحدة وإيران سيشكل انتصارًا لطهران ؟

رضا القزويني – باحث و كاتب في الشأن الإيراني*

وكالة الصحافة العراقية

كان البرنامج النووي الإيراني منذ بدايته موجهاً للأغراض السلمية ضمن إطار الاستخدام في المجالات الطبية والطاقة والصناعة والاقتصاد. وتعد إيران عضواً في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وهي من الدول المؤسسة لها، حيث تمنح هذه المعاهدة جميع الأعضاء الحق في استخدام التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية. 

بسبب العداء الغربي لإيران، لم يعترف الغرب قط بحق إيران في الاستفادة من التكنولوجيا النووية، بل على العكس، استخدم كل ما بوسعه لمنع تطور هذه التكنولوجيا. والعقوبات الاقتصادية الشاملة التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا خلال العقود الماضية في كافة المجالات كانت دليلاً على ممارساتهم غير العادلة والسياسية. 
كان رفع مستوى التخصيب الإيراني إلى أكثر من 60% بمثابة حل اتخذته إيران لمواجهة ضغوط وتهديدات الغرب. فقد أدت تهديدات الولايات المتحدة وإسرائيل بشن هجوم عسكري ضد إيران إلى رفع مستوى التخصيب إلى درجة قريبة من الاستخدام العسكري، وذلك لكي تتمكن طهران من استخدام أدواتها الوقائية والردعية في مواجهة التهديدات العسكرية، ولتكون لديها أيضاً أوراق ضغط كافية في المفاوضات النووية لضمان حصولها على حقوقها. 
وعلى هذا الأساس، حققت إيران على مر السنوات الماضية تقدمًا ملحوظًا في تطوير برنامجها النووي، مما أثار قلق إسرائيل وبعض الدول الغربية. ومن المهم الإشارة إلى أن العقيدة الأمنية والدفاعية الإيرانية، استناداً إلى الفتوى الصادرة عن مرشد الثورة الإسلامية، تحرّم تصنيع أو امتلاك الأسلحة النووية وتعتبرها أمراً غير مشروع. لذلك، فإن المطلب الأمريكي من إيران من خلال الجولات التفاوضية الأخيرة بعدم السماح لها بتصنيع الأسلحة النووية لا يتعارض مع رغبات الإيرانيين ومعتقداتهم منذ البداية.

لطالما أكدت طهران على ضرورة احترام حقها في الحصول على التكنولوجيا النووية السلمية مثل بقية الدول. وبالتالي، فإن اعتراف الولايات المتحدة بهذا الحق وإلغاء العقوبات يمكن أن يُفسر على أنه اعتراف و احترام لمطالب الإيرانيين. وفي المقابل، يمكن أن تتوقف الإجراءات التي اتخذتها طهران رداً على ضغوط وتهديدات الغرب في المجال النووي، مثل رفع مستوى التخصيب وتخزين الوقود بنسب عالية أو انتقالها.

بطبيعة الحال، هذا لا يعني تراجع إيران. فحتى عندما كانت تمتلك تكنولوجيا تخصيب أقل من 5% وكانت قوتها التسليحية والردعية أقل بكثير مما هي عليه الآن، رفضت إيران الانصياع للضغوط الغربية ولم تتراجع. واليوم، يبدو أن إيران، بما تملكه من عناصر قوة خاصة في المجالات العسكرية والصاروخية، قد أجبرت الولايات المتحدة  على ضرورة قبول تكنولوجيتها النووية السلمية و هي رفضت الأوامر الأمريكية قبل بدء الجولة الأولى من المفاوضات بإدخال مجموعة من القضايا الهامة لواشنطن على طاولة المفاوضات و أجبرت ترامب على اقتصارها فقط على الملف النووي و هذا مؤشر واضح على عدم الإنصياع و عدم التغيير في الاستراتيجية الإيرانية كما يظن البعض.

لذلك، فإن أي اتفاق يؤدي إلى رفع العقوبات عن إيران ويسمح لها باستخدام التخصيب ضمن الحدود السلمية سيعتبر انتصاراً لإيران. ففي هذه الحالة، لن تخفف الضغوط الاقتصادية على إيران فحسب، بل ستظل تمتلك تكنولوجيتها النووية المحلية وقدرات التخصيب. كما أن مثل هذا الاتفاق سيعزز مكانة إيران الإقليمية سياسياً، وفي الوقت نفسه سيحصل الغرب على الضمانات الكافية بشأن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

أخبار عاجلة