بطلان رئاسة مجلس النواب… أزمة دستورية أم مأزق سياسي؟

وكالة الصحافة العراقية1 مايو 2025Last Update :
وكالة الصحافة العراقية


احمد العيسى
في تطوّر لافت ومثير للجدل على الساحة السياسية العراقية، أعادت الأوساط القانونية والبرلمانية فتح ملف إقالة رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي، وذلك بعد صدور تقدير قضائي يعتبر أن الأدلة التي قُدمت لإدانته لم تكن كافية. ووفقاً لهذا التقدير، فإن قرار الإقالة يُعد باطلاً، وكل ما بني عليه يُصبح بالضرورة باطلاً.

هذه القاعدة القانونية الصارمة: “ما بُني على باطل فهو باطل”، تفتح الباب أمام تداعيات دستورية عميقة لا يمكن تجاهلها، أبرزها:

  1. بطلان انتخاب محمود المشهداني رئيساً لمجلس النواب، كونه جاء استناداً إلى شغور المنصب بشكل غير قانوني.
  2. اعتبار جميع جلسات البرلمان التي ترأسها المشهداني غير شرعية، مما يُلقي بظلال من الشك على كامل الأداء التشريعي خلال هذه الفترة.
  3. بطلان القوانين التي أُقرت خلال رئاسة المشهداني، بما فيها قوانين تمس حياة المواطن بشكل مباشر مثل العفو العام، وتعديلات قوانين الأحوال الشخصية.

السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه اليوم بقوة:
كيف سيتم معالجة بطلان رئاسة المجلس وما ترتب عليها؟

نحن أمام معضلة سياسية ودستورية غير مسبوقة. فعودة الحلبوسي إلى منصبه تعني إعادة تشكيل خريطة رئاسة المجلس، ولكن الأهم من ذلك: ما مصير القوانين التي أُقرت؟ هل تعاد صياغتها؟ وهل تُعاد مناقشتها وتصويت البرلمان عليها من جديد؟ وما مصير القرارات التنفيذية التي بُنيت على تلك القوانين؟!

كما أن هذا الحدث يعكس هشاشة في إدارة الانتقال السياسي داخل البرلمان، ويعيد إلى الواجهة ضرورة مراجعة آليات الإقالة والتثبيت في المواقع السيادية، بما يضمن سلامة الإجراءات واحترام الأصول الدستورية.

الشارع العراقي، الذي يعاني من تداعيات تأخر التشريعات وتذبذب الأداء السياسي، يراقب اليوم مشهداً معقداً تتداخل فيه الحسابات القانونية مع التوازنات السياسية. وهنا يبرز دور المحكمة الاتحادية، ليس فقط في تفسير الموقف، بل في تقديم خريطة طريق للخروج من المأزق دون أن تُصاب ثقة المواطنين بالمؤسسة التشريعية بمزيد من التآكل.

إن الأزمة لا تتعلق بشخص الحلبوسي أو المشهداني فحسب، بل بمدى قدرة النظام السياسي على تصحيح أخطائه داخلياً، وفق القانون، دون الدخول في فراغ تشريعي أو صراع لا ينتهي.

الكرة الآن في ملعب المؤسسات الدستورية، والسؤال لم يعد “من هو الرئيس؟”، بل: “كيف نحمي هيبة الدولة ومؤسساتها حين يختلط القانون بالسياسة؟”

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

أخبار عاجلة